حدث أن تعرضت آثار النوبة للغرق ثلاث مرات قبل بناء السد العالى ، المرة الأولى عند بناء خزان أسوان سنة 1902 وتبع ذلك ارتفاع منسوب المياه بشكل هدد الآثار والمرة الثانية سنة 1912 ، والثالثة فى سنة 1932. وفى كل مرة كان يتم عمل مسح للمواقع الأثرية، ويتم تسجيلها وعمل الخرائط اللازمة لها. وعندما تقرر إنشاء السد العالى أصبح واضحاً أن جنوب الوادي سيتعرض لارتفاع منسوب المياه بشكل دائم ومن ثم أصبح من الضرورى العمل لتلافى مخاطر ارتفاع منسوب المياه على المواقع الأثرية. وبعد مبادرة من مصر قامت هيئة اليونسكو بإصدار نداء دولى لأضخم عملية إنقاذ للآثار فى التاريخ. واشترك فى هذه العملية أكثر من أربعين دولة تقدمت إما بالمساعدة المالية أو المشاركة العملية . وتكفل كل فريق من هذه الدول بمسئولية ذات مهام محددة.
جهود اليونسكو
إن جهود هيئة اليونسكو فيما يختص بصيانة والحفاظ علي التراث الثقافى تهدف إلى: الهدف الأول : التأكيد على ان التراث الأثرى يعد شاهداً على العبقرية الخلاقة للإنسان وعلى كفاحه وآماله وطموحاته ، وان رؤية هذا الإنسان للعالم سوف تظل باقية من هذا التراث للأجيال المقبلة . الهدف الثانى: التأكيد على ان هذه الكنوز من التراث يجب أن تكون ميسرة مادياً ومعنوياً للجماهير العريضة من شعوب العالم. فعلى الشعوب ذات التراث الحضارى ان تكتشف تاريخها المنقوش على الصخور من جديد لأنه يعد شاهداً على الهوية الثقافية لها والذى يشكل فى نهاية الأمر جزءاً من التراث البشرى ككل . كما تساهم هذه الجهود فى الإثراء الثقافى والتفاهم بين الأمم ومن ثم التقارب بينها .
المهام التى قامت بها هيئة اليونسكو
قام المجلس التنفيذى لهيئة اليونسكو بدارسة تقرير قام بإعداده مجموعة من الخبراء الدوليين ودار موضوع التقرير حول جدوى إنقاذ أثار النوبة ومن ثم أصدرت هيئة اليونسكو نداءاً هاماً إلى العالم للمشاركة المالية والفنية لإنقاذ آثار النوبة . وصدر هذا النداء فى الثامن من مارس سنة 1960 وكان بداية لمشروع غير مسبوق فى التاريخ وكان على الحملة الدولية ان تتبع سياسة الخطوة خطوة لإنجاز هذا المشروع. وكانت المصاعب عديدة منها ان علماء الآثار يسابقون الزمن لإجراء الحفائر التى تمت فى ظروف مناخية غير مواتية وكان عليهم التغلب على ذلك بشكل أو بآخر . وكان هناك العديد من المشاريع الضخمة التى يستلزم دراستها بهدف إنقاذ الآثار وتحسباً لآية مشاكل هندسية
ربما تظهر فيما بعد . واستمرت جهود الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة قرابة العشرين عاماً ولكن مع مرور الزمن تحققت أهدافها. وخلال هذا قامت ما يقرب من أربعين بعثة أثرية من دول العالم المختلفة بعمل الدراسات العلمية للمواقع الأثرية -وتم خلال ذلك فك ما يقرب من اثنين وعشرين اثر ونقلوا إلى مواقع جديدة. وتشهد قائمة المعابد التى تم نقلها على ضخامة العمل الذى تم فى إنقاذ آثار النوبة ومن المعابد التى تم نقلها: معبدى "أبو سمبل"، ومعابد فيلة ، معبد دابود، كلابشة، وادى السبوع، دندور، عمدا، الليسية، بيت الوالى، دكة، المحرقة، الدر، بوهن وغيرها. ولقد اكتمل العمل فى إنقاذ هذه المعابد على الوجه الأكمل فى الوقت الذى بلغ ارتفاع منسوب المياه فى بحيرة ناصر الحد الذى كان يخشى منه لو ظلت الآثار قائمة فى مواقعها السابقة
نقل المعابد والآثار عندما شرع فى بناء السد العالى ، كان من الواضح أن وادى النيل عند موضع إنشائه سوف تغمره المياه بصفة دائمة . وبناء على طلب مصر وجهت اليونسكو حملتها لأكبر مشروع لإنقاذ الآثار فى ذلك الوقت وقد تم عمل مسح شامل لكل الأماكن والمقابر والمعابد والقلاع والكنائس وإلى غير ذلك ، كما تم عمل تسجيل فوتوغرافى لها. وقد تم فك بعض هذه المعابد وأهديت لبعض الدول التى شاركت فى عمليات الإنقاذ بينما الجزء الأكبر من تلك المعابد قد نقل إلى أماكن أكثر ملائمة لها حول بحيرة ناصر.